------------ مهرجـــانـــات الـتـــمـــور ..تظــــــــاهرة تســـويـــقيـــــــة عـــــالميـــــــــــــة ------------- الأستاذ : عبـــد الســـــلام بن صالــــــح الراجحــــي الأمين العام لإدارة أوقاف صالح عبد العزيز الراجحي لقد شكلت النخلة - منذ أمد بعيد - جزءاً مهماً من حياة الشعوب القاطنة في المناطق الجافة والمناطق شبه الجافة من كوكبنا ، وكانت مصدراً غذائياً رئيسياً لشعوب اعتمدت حياتهم عليها ، وتشكل النخلة جزءاً لا يتجزأ من ثقافات الصحراء ، بل امتزجت مع التراث العربي. ونظراً لما لزراعة النخيل في مجتمع المملكة من أهمية خاصة ليس فقط باعتبارها مصدراً للغذاء ولكن أيضاً لارتباطها بأبعاد دينية وتقاليد اجتماعية توارثها الأجيال فقد احتل النخيل مكانة وتقديراً خاصاً في قلوب السعوديين لتصبح رمزاً وشعاراً للكثير من المعاني لديهم ، حتى لم تعد تخلو حديقة أو شارع من شجرة النخيل بأنواعها المختلفة (الإنتاجية والتزيينية) حيث تزايد الحرص على التوسع في
زراعتها وإنتاجيتها والتحسين من جودة التمور ، تزامن ذلك مع تنامي الطاقة البشرية واتساع الرقعة التنموية في البلاد، ولعل التقدم الملموس في مجال قطاع الزراعة في المملكة ولاسيما قطاع النخيل والتمور يعّد نعمة من النعم التي أنعم الله بها على المملكة بجانب الثروات الأخرى والتي تمثل الدور الأكبر والفاعل في نمو الاقتصاد السعودي والدفع بعجلة التنمية المستدامة وتحقيق رفاهية أجيالنا المقبلة وسط الكثير من التحديات الصعبة التي تمكنت المملكة بقيادتها وشعبها على أن تتخطاها ليكون الاقتصاد السعودي من أفضل الاقتصاديات في المنطقة. ومما زاد أهمية النخيل وجود طلباً عالمياً على التمور يفوق ما اعتدنا عليه في العالم العربي ، ولعل من أمثلة ذلك الأسواق المربحة في أوروبا التي تشهد طلباً متزايداً على أصناف معينة من التمور مثل (البرحي ، الخضري ، الصقعي) ، ممايعني أن هناك عدداً من الفرص التسويقية على المستوى المحلي والخارجي يمكن الاستفادة منها لإضافة قيمة مضافة لقيمة التمور ، وهذا يبشر بنمو واعد لمجال تجارة التموربإذن الله يمكّن المزارعين المعتمدين على الزراعة من أن يحققوا دخلاً جيداً ، وقد دعم ذلك إنضمام المملكة العربية السعودية لمنظمة التجارة العالمية في عام2005م ليتمكن بذلك القطاع الزراعي من الاستفادة من النفاذ للأسواق الخارجية حسب اتفاقيات منظمة التجارة العالمية الخاصة بالمجال الزراعي لذا كان هناك اتجاه واضح للارتقاء بجودة الإنتاج الزراعي وتنويعه لزيادة القدرة التنافسية في الأسواق المحلية والعالمية خاصة في الزراعات التي تشتهر بها المملكة. وعندما يتم التطرق إلى الأسواق المؤثرة والهامة في مجال التمور لابد من التطرق إلى منطقة القصيم أحدى مناطق المملكة التي تحظى باهتمام من المسئولين لما تمتاز به من اتساع الأراضي الزراعية وخصوبتها ووفرة المياه العذبة وتوفر رأس المال للاستثمار الزراعي وتنمية الموارد البشرية حيث شهدت المنطقة نهضة زراعية تمت بتوفيق من الله ثم نتيجة للدعم السخي للقطاع الزراعي والتشجيع المستمر من حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين ومتابعة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز آل سعود أمير منطقة القصيم، ونائبه صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعودبن عبدالعزيز. ولعل فكره مهرجان التمور التي جاءت بمبادرة من صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز ودعم من سمو نائبه صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبد العزيز وتبنتها أمانة منطقة القصيم والغرفة التجارية بمنطقة القصيم تعزيزاً لجهود سموه في رعاية العديد من الفعاليات الهادفة للنهوض بقطاع النخيل والتمور حيث يعد هذا المهرجان واحد من أهم الإسهامات التشجيعية في العمل على الازدهار بزراعة وإنتاج وتسويق التمور بالمنطقة والتي تعزز روح العمل التطوعي وأهميته في خدمة زراعة النخيل ، كما تعكس عن صدق وحرص القيادة السعودية على الارتقاء بهذه الزراعة ودعم القائمين عليها بل ودعم العاملين في مجال تطويرها علمياً في إطار خطة المملكة لزيادة القدرة التنافسية وتلبية رغبات المزارعين الذين يتطلعون إلى تنظيم مناسب يكلل جهودهم طوال الموسم من خلال تعزيز فرص التنافس بين المزارعين والتجار والمصنّعين والباحثين ، ولكي يكون هناك تفاعل مع هذا الحدث الكبير تم استحداث سوق بريدة للتمور الذي يعتبر أكبر سوق عالمي للتمور حسب الاستطلاعات بهذا الخصوص حيث تخطى المؤشر المالي لسوق تمور بريدة العالمي حاجز الملياري ريال سنوياً كعائد اقتصادي من صفقات البيع والشراء داخل السوق. وانتهز الفرصة مسلطاً بعض الأضواء على نشأة الإدارة الزراعية لإدارة أوقاف صالح عبدالعزيز الراجحي وأهدافها مع التركيز بصفة خاصة على مشروع نخيل الباطن باعتباره أكبر مشروع نخيل في العالم ومعلماً من معالم منطقة القصيم. الإدارة الزراعية لإدارة أوقاف صالح عبد العزيز الراجحي تعمل تحت مظلة مؤسسة خيرية غير ربحية أنشئت لخدمة المجتمع والأمة الإسلامية، كما أنها أحد ثلاث إدارات رئيسية في إدارة الأوقاف التي تأسست عام 1417هـ/1997م وقد قامت بجانب إدارتي (الأعمال الخيرية)، (العقارات)وتمارس نشاطها وفق أسس علمية وعملية رسمها الموقف والدنا الفاضل الشيخ/صالح بن عبد العزيز الراجحي – شفاه الله وعافاه – وبإشراف وبمتابعة من مجلس أمناء إدارة الأوقاف ، وتتولى الإدارة الزراعية إدارة ومتابعة ثلاثة مشروعات زراعية(الباطن– ضرماء– الحائر) متخصصة بقطاع النخيل وإنتاج أجود أنواع التمور حيث وصل عدد النخيل بها (252.085) نخلة. ومن أهم الأهداف لوالدنا الموقف الشيخ صالح بن عبد العزيز الراجحي أجزل الله له الأجر والمثوبة هدف رئيسي من هذه المشاريع وهو كسب الأجر والثواب من عند الله عز وجل متمثلاً في قول الرسول صلى الله عليه وسلم :(إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث .. وذكر منها (صدقة جارية) وهذه المشاريع صدقة جارية للموقف بإذن الله لا سيما أن النخيل من الأشجار التي تعمر طويلاً والتي يمكن إحلال بعضها مكان الآخر دون تأثير على التربة أو غيرها مما يستوجب معه عدم تحييل الأرض وأقصد بذلك حرث الأرض وتركها مشمسة لموسم أو عدة مواسم من أجل استصلاحها كما في زراعة القمح وغيره من المحاصيل الحولية ، كما أن النخلة تكون أنتجت فسائل مجاورة لها تحمل نفس الجودة قد تنتج قبل إزالة النخلة الأم أو نقل الفسيلة. كما أن من الأهداف التي وضعت لهذه المشاريع أن تكون من ضمن روافد الأمن الغذائي لهذه البلاد المباركة لا سيما أن من سبقونا كانوا يعتمدون على التمر كوجبة غذائية رئيسية ، ومصداقاً لذلك الحديث : عن عائشة – رضي الله عنها – قالت لعروة : ( أبن أختي إن كنا لننظر إلى الهلال ، ثم الهلال ، ثلاثة أهلة في شهرين ، وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار ، فقلت : يا خالة ما كان يعيشكم؟ قالت : الأسودان ، التمر والماء). فمثلاً لو توقف استيراد بعض المنتجات الغذائية لأي ظرف طارئ لا سمح الله فسيعود الاعتماد على هذه الوجبة الرئيسية وهي التمر. وهذه نظرة ثاقبة من الموقف في استمرار المشاريع وبقائها . وفي العموم فإن الأوقاف الخيرية تعتبر رافد اقتصادي هام في سير الحركة الاقتصادية في جميع البلدان قديماً وحديثاً. وبالإضافة إلى ذلك يعتبر استيعاب وتوظيف الكوادر الوطنية وتأهيلها للعمل في هذه المشاريع خاصة في المناطق الزراعية من أهدافنا الإستراتيجية وذلك إسهاماً منا في توطين الوظائف وإيماناً بالدور المهم الذي ينتظر من القطاع الخاص في هذا الجانب. هذا وقد بلغ تقدير إنتاج مشاريع الإدارة من التمور لهذا العام حوالي 5000طن موزعة على 45صنف من أصناف النخيل السائدة في المنطقة الوسطى بالمملكة حيث أن سياسة الإدارة الزراعية ببيع أجزاء من الثمار على رؤوس النخيل للتمور النظيفة والعضوية ، كما يتم البيع المباشر لجزء من الأصناف الممتازة والجيدة بدرجاتها المختلفة والمطابقة للمواصفات القياسية بمستودع الفرز الرئيسي بمشروع الباطن ، علماً بأن إدارة الأوقاف من خططها هذا العام 1429 القيام بتنفيذ برنامج توزيع التمور الخيري بتوزيع أكثر من 1100 طن من التمور التي يتم إنتاجها في مزارع إدارة الأوقاف ليتم توزيعها بالتعاون مع الجمعيات الخيرية في جميع مناطق المملكة ، حيث من المتوقع أن يبلغ عدد المستفيدين من هذا البرنامج أكثر من (300000)مستفيد ، إضافة إلى توزيع أكثر من (450000)ألف عبوة تمر (7تمرات) لرواد الحرمين الشريفين . ولإستيعاب المستهدف من التمور بمشروعات الإدارة والمقدر بحوالي 15000 طن من التمور/سنـوياً ، تم إعداد دراسة جدوى اقتصادية لإنشاء مخازن تبريد لتخزين التمور ومنتجاتها تزيد طاقتها الاستيعابية على 10000طن كذلك إنشاء مصنع ومتطور ومتكامل للتمور بمشروع الباطن بطاقة تزيد عن 8000طن وسوف يتم التنفيذ في القريب إن شاء الله. ونتيجة للجهود التي تبدل في الإدارة الزراعية والمشاريع التابعة لها تم بفضل الله سبحانه وتعالى حصول الإدارة الزراعية على الشهادات التالية: 1- شهادة من موسوعة غينيس للمعلومات العامة والأرقام القياسية في مايو 2005م لمشروع الباطن باعتباره أكبر مشروع نخيل في العالم. 2- شهادة من المنظمة الأوربية للزراعة العضوية (الايكوسيرت) في أغسطس 2007م ويوليو 2008م لإنتاج تمور عضوية وقابلة للتصدير خارج المملكة. 3- شهادات من جامعة القصيم وجامعة الملك سعود بالرياض تفيد بخلو منتجات الإدارة من التمور وأيضاً النوى والتربة من متبقيات المبيدات لست سنوات متتالية ابتداء من عام 1423هـ وهذه سياسة يتم تطبيقها سنوياً على جميع منتجات الإدارة من التمور. 4- حصول مشروع نخيل الباطن على المركز الثاني لجائزة الأمير فيصل بن بندر للنخيل لعام 1428هـ. ولعل التطلعات المستقبلية للإدارة الزراعية تتمثل في الآتي:- 1- المشاركة في تنمية ودعم المنتجات الزراعية من خلال تطوير زراعة النخيل وإنتاج وصناعة التمور بالمملكة العربية السعودية ودول الخليج. 2- زيادة المساحات المزروعة بالنخيل من المساحات الكلية المتاحة. 3- التركيز على إنتاج الأنواع الممتازة والجيدة من التمور ذات الجدوى الاقتصادية. 4- رفع الفاعلية التسويقية لزيادة إيرادات المزارع مالياً. 5- المحافظة على البيئة من خلال ترشيد استخدام المبيدات والأسمدة الكيميائية. 6- التحول من الزراعات النظيفة إلى الزراعة العضوية حيث تصل نسبة الزراعة العضوية في مشروع الباطن حالياً إلى 14.5% من إجمالي عدد النخيل (200000)نخلة ونعمل حالياً بالتحول تدريجياً في هذا المجال. 7- التعاون العلمي والعملي مع المؤسسات الحكومية والأهلية ذات العلاقة. 8- المشاركة في المؤتمرات المحلية والخارجية الخاصة بزراعة النخيل والمشاركة بتقديم أوراق علمية بتلك المؤتمرات 9- إعداد كتاب بعنوان (زراعة وإدارة مشاريع النخيل) جاري طباعته بمناسبة مرور عشر سنوات على إنشاء الإدارة الزراعية ، ولإهتمام إدارة الأوقاف بالكوادر البشرية نجد أن القائمين بإعداد هذا الكتاب من منسوبي الإدارة الزراعية بإدارة الأوقاف. 10- إنشاء مشتل نموذجي لفسائل النخيل بمشروع الباطن طاقته الاستيعابية تصل إلى 150000فسيلة . 11- إنشاء مصنع لإنتاج السماد الطبيعي (الكمبوست) للاستفادة من المنتجات الثانوية للنخيل وذلك جراء عملية التقليم الدوري للنخيل .